موضوع: ابقى معى الجزء الثانى الثلاثاء مارس 26, 2013 1:24 am
أبقى معي ( الجزء الثاني )
ومنذ تلك اللحظة أصبحت انا ربه المنزل وأصحبت كل المهام التي يجب ان يقوم بها الزوج تجاه ابنائه ملقاه علي عاتقي ، الا الشؤون الماليه التي تكفل بها زوجي قبل سفره ، حيث ترك لنا مبلغ من المال لا بأس به يكفينا لمده ثلاثة أشهر .
لم تمهلني الحياة وقتا ً طويلا ً حتي حاصرتني بالمشكلات والعراقيل التي يصعب علي اي انسان ان يتغلب عليها وحيدا ً . ففي البدايه وجدت أولادي في حاله حزن وأنكسار لم أشاهده في حياتي من قبل ...
أمل : ايه يا محمود قاعد لوحدك ليه ؟ ما تيجي تقعد معايا شويه بدل اما انا قاعده لوحدي بره .
محمود : أصل انا مخنوق شويه يا ماما فعاوز أبقي لوحدي .
أمل : مش هينفع كده خالص يا محمود . انت بقالك اسبوعين علي الحكايه ديه ، ترجع من المدرسه وتفضل متنح ودموعك مغرقه خدك علي طول ، حرام عليك يا ابني نفسك .
محمود : أومال أعمل ايه يعني يا ماما بعد اما بابا سافر .
أمل : أقعد معايا ومع اخواتك واتكلم معانا بدل ما أنت وحيد .
محمود : وهيفيد بأيه الكلام يا ماما ! يعني اما هتكلم معاكم بابا هيرجع تاني ؟ يعني اما هتكلم هلاقي بابا هيرد علي ويشجعني اني اطلع الأول علي الفصل واني ادخل كليه هندسه زي اما كان بيعمل ؟ يعني أما هتكلم الزمن هيرجع بي للوراء وهلاقي بابا بيحضنني ويضمني الي صدره ؟
أمل : طيب ما هو انا جنبك يا محمود وبشجعك علي طول .
محمود : ايوة يا ماما بس انا زي أما محتاجك جنبي محتاج بابا هو كمان جنبي .
وقتها لم يكن في استطاعتي ان اجيب علي محمود ، لأني كنت أعاني من نفس الجرح الذي يعاني منه أبني . فالمرأة مثلما تحتاج أبنائها بجوارها ، تحتاج ان يكون زوجها بجوارها وان يكون عونا ً لها . ومثلما يحتاج الأبن الي أم يحتاج الي أب يحتضنه ويكون عونا ً له في اي مشكله يقع فيها .
بعد مده ليست بطويله تحول الأولاد من حاله الأنكسار الي تمرد علي الدراسه والتعليم والمجتمع بأكمله ...
أمل : ايه يا معتز انت مش ناوي تروح المدرسه ولا ايه ؟
معتز : لاء مش ناوي .
أمل : اومال هتنوي امتي ان شاء الله ، انت بقالك اسبوع ما بتروحش . هو في حد عملك حاجه في المدرسه وانت خايف تروح عشانه ؟
معتز : هو في حد يقدر يكلمني .
أمل : اومال ما بتروحش ليه ؟
معتز : وأروح ليه ؟
أمل : تروح ليه ! عشان تتعلم يا ابني وتطلع عالم كبير .
معتز : اتعلم واطلع عالم كبير كمان ! طيب وبعد اما هأبقي عالم كبير هيحصل ايه .
أمل : هتأخذ جائزه نوبل وتوصل للعالميه وترفع اسم مصر .
معتز : طيب ما هو عشان أخذ جائزة نوبل وأبقي عالم كبير ، لازم أسافر أمريكا ، يعني لازم اتعلم من اول وجديد في امريكا ، لأن الشهاده بتاعتنا ولا تساوي اي حاجه خارج مصر ، فأيه فائده اني اتعلم في مصر بقي . وحتي ان ما طلعتش عالم ، ايه فائده اني اتعلم قدام انا اما هأكبر هسافر بره واسيب مراتي وأولادي عشان اجيبلهم الفلوس ، كده كده هسافر فأيه فائده التعليم بقي .
لم يتوقف تمرد أولادي علي التعليم فقط ، بل امتد هذا التمرد الي والي اي قرار أأمرهم به ...
أمل : يعني انتي تعبانه عشان هتساعديني ، ومش تعبانه وانتي قاعده علي الكمبيوتر 24 ساعه ؟
مريم : طيب يا ماما شويه كده وهأجي .
أمل : شويه ! ماشي ولو أني عارفه انِك مش هتيجي .
مريم : هأجي يا ماما بس أخلص الي انا بعمله علي الكمبيوتر .
أمل : أما نشوف .
وطبعا ً لم تأتي لتساعدني في الأعمال المنزليه كالعاده - العاده التي تعودت عليها بعد سفر مجدي - وظلت جالسه علي الكمبيوتر . عندما انتهيت من تنظيم المنزل ، ذهبت لمريم وقلت لها ...
أمل : زمالك ايه بس ، ما انتم كده هتخسروا ، يلا تعال ِ معايا بدل اما تحرق في دمك .
معتز : مش هينفع خالص يا ماما ، خذي مريم ومحمود معاك وسيبيني انا اتفرج علي المتش .
أمل : هو حد فيهم عاوز يجي معايا . يلا تعال معايا بدل اما أنزل لوحدي .
معتز : والله ما هينفع يا ماما .
أمل : خلاص ، أمري الي الله أنزل لوحدي .
وبهذه الطريقه أصبحت أسرتنا مفككه كل فرد في عالمه الخاص ، وذلك كله بسبب سفر مجدي .
لم تتوقف المشكلات التي واجهتني علي ذلك فقط . بل أمتدت الي ما هو أخطر من ذلك ، وهو تعامل جيراني معي علي أساس أني أمرأة لعوب وليس كأمرأة محترمه . فوجدتهم كثيرا ً ما يتلككون لكي يتحدثون معي بحجه انهم يريدون مساعدتي ، وينتهزون فرصه ذهاب أولادي الي المدرسه لكي يطرقون باب المنزل ويتحدثون معي ...
أمل : في حاجه يا بشمهندس جلال ؟
جلال : اة ، انا قلت أمر عليك ِ ، أشوفك عاوزه حاجه ولا لاء .
أمل : الله يخليك ، انا مش عاوزه حاجه ، وان أحتجت أي حاجه هعملها انا بنفسي ، فما تتعبش نفسك تاني .
جلال : ما فيش تعب ولا حاجه ... هو انتي عندك كبريت عشان الكبريت الي معايا خلص .
أمل : ثواني اجيبلك .
عند عودتي الي الباب لم أجده فشعرت بفرحه شديده ، لأني أخيرا ً أرتحت من قرفه ، وقبل ان اقبل باب المنزل ، لامحته واقفا ً في الصاله ...
أمل : أنت ايه الي دخلك هنا ؟
جلال : عشان بدل اما حد يشوفني وانا واقف قصاد الباب ويتكلم كلمه مش كويسه .
أمل : يعني اما هتكون جو الشقه عندي هيتكلموا كويس ، من فضلك أطلع بره عشان انا لوحدي ، وما ينفعش الي انت بتعمله ده .
جلال : طيب ممكن أتكلم في التليفون . عشان في واحد رن علي وانا مش معايا رصيد في الموبيل .
أمل : طيب ما تتصل من عندك في الشقه .
جلال : أصل عندي الخط قاطع ولسه ما حدش جه من السنترال عشان يصلحه .
أمل : والله ، هو انت الخط عندك قاطع انت كمان ، طيب كويس اما بتوع السنترال يجوا لك ابقي خليهم يعدوا علي . ممكن بقي لو سمحت تمشي .
جلال : ماشي أما هيجوا هأبقي أقولك ، اسيبك انا تشوف ِ هتعمل ِ ايه في الشقه ، مع السلامه .
أمل : في ستين داهيه ( طبعا ً انا قلته كده في سري ، لأني مش عاوز أدخل في مشاكل مع الاشكال ديه ) .
ووسط هذه المشكلات الكثيرة لم يكن أمامي اي خيار سوي اللجوء لصديقتي مي ، لأنها مطلقه ولديها أولاد في نفس عمر أولادي تقريبا ً ، وأيضا ً لأنها بالتأكيد لكونها أمرأة مطلقه لديها خبره في طريقه التعامل مع الجيران غير المحترمين من نوعيه جيراني الذين يتحرشون بي دائما ً ...
أمل : السلام عليكم ورحمته الله وبركاته .
مي : وعليكم السلام ورحمته الله وبركاته ، أمل أزيك يا بنتي فينك من زمان ولا بتسأل ِ ولا بتتصل ِ حتي ؟
فقصصت عليها القصه بأكملها وما يفعله الأولاد مع كل يوم ، وتمردهم علي الدراسه والتعليم والدنيا بأكملها ، فكان ردها علي كالأتي ...
مي : بص ِ يا أمل ، هو كل الي بيحصل ده حاجه عاديه ، لأنهم لسه صغيرين ومش متعودين علي التغيرات الكثيره الي حصله في حياتهم دلوقتي .
أمل : تغيرات كثيرة ! ده هو تغير واحد بس ، الي هو سفر مجدي .
مي : اة ما هو تغير واحد فعلا ً بس بينتج عنه تغيرات كثيرة ، يعني أما الأب بيغيب أكيد الضبط والربط الي كان موجود داخل الأسره هيختفي ، واما الضبط والربط يختفي يبقي الأولاد يعملوا الي هم عاوزينه ومش هيلاقوا اي عقاب من اي حد . وأما الأب برضه يغيب هيغيب معه الحنان والعطف الي الأولاد اتعودوا عليه من أبوهم ، فهيحسوا بأن الحياة ظلمتهم وانها أخذت منهم شئ عزيز جدا ً علي قلبهم . يعني من ناحيه هيحسوا بأنهم أحرار في تصرفاتهم وانه لا توجد اي قيود عليهم ، ومن ناحيه أخري هيحسوا بظلم وقسوة المجتمع عليهم ، والتغيرات ديه صعبه جدا ً علي أي واحد كبير فما باللك بأطفال صغيرين .
مي : بص ِ يا ستي ، هو انا بعد اما أطلقت من حسام حصل معايا نفس الي حصل معاك ِ ده بالضبط . فانا بقي قعدت أفكر اتصرف مع اولادي ازاي عشان يرجعوا زي الأول ، وبعد تفكير عميق توصلت لفكره غايه ساعدتني كتير في عوده اولادي مره أخري الي حياتهم الطبيعيه .
أمل : اة وايه بقي الفكره ديه ؟
مي : الفكره يا ستي بأختصار ، هي أني حسستهم أنهم كبار مش لسه صغيرين واني في حاجه كبيرة ليهم واني عاوزهم يساعدوني عشان نقدر نعدي من المشكله الي أحنا فيها ديه ، وخليتهم يحسوا اني ما أقدرش أعيش من غيرهم ، وانهم سندي الوحيد في الدنيا ديه .
أمل : اة وتفتكر ِ ان فكرتك ديه هتنجح معايا ؟
مي : أن شاء الله هتنجح . لأنهم أساسا ً في السن ده بيبقوا عاوزين الناس تعاملهم كأنهم رجال ناضجين وليس كأطفال صغار ، فانتي اما هتتعمل ِ معاهم علي الاساس ده أكيد هيسمعوا اي كلمه انتي بتقوليها بدون تردد طالما هم حاسين بقيمه الحاجه الي بيعملوها معاك .
أمل : طيب كويس جدا ً ... كان في حاجه تانيه عاوزه أكلمك عنها .
مي : أتفضل ِ قول ِ ...
بالفعل قلت لها كل ما أتعرض له من تحرش دائم من جيراني غير المحترمين ، وكان ردها علي كالتالي ...
مي : ده ولاد ... انا كان عندي نفس النوعيه ديه في البلوك بتاعي وما سكتوش غير اما أديتهم علي دماغهم .
أمل : ازاي بقي ؟
مي : بص ِ يا ستي انا عندي أخويا ما شاء الله عليه يعرف ناس صيع كتير ، فقام هو جايبهم في يوم ومر علي شقه شقه من جيراني ولاد ... دول وحذرهم ومن ساعتها اي واحد ابن ... فيهم يشوفني يداري وشه في الأرض ويغير الطريق الي هو ماشي فيه .
أمل : اة ، طيب ما ينفعش تكلم ِ لي اخوك عشان اخلص من الناس ولاد ... دول ؟
مي : ماشي ، بس هو للأسف مسافر الغردقه اليومين دول .
أمل : يا خساره .
مي : طيب هو انتي ما تعرفيش اي حد من عيلتكم يقدر يتصدي لولاد ... دول ؟
أمل : للأسف لاء ، انا مش باقي من عيلتي غير أبويا ، وهو ما ينفعش يسد خالص معاهم .
مي : اة صحيح . طيب ما تروح ِ تقعد ِ عند أبوك ِ ، بدل الذل الي انتي عايشه فيه ده .
أمل : مش هينفع خالص ، لأن أبويا عصبي جدا ً وبيتخانق علي اي حاجه ، وانا مش مستعده ان حد يقعد يزعق لأولادي ويربيهم بالزعيق والخناقات ، ده انا اما صدقت اتجوزت عشان أرتاح من عصبيته أرجع له تاني ، انا اتجننت ولا ايه .
مي : طيب هتعمل ِ ايه ؟ ... اة اة استني انا جات لي فكره جميله هتنفعك جدا ً .
أمل : ألحقيني بيها بسرعه .
مي : بص ِ يا ستي انتي تطلع من هنا علي القسم علي طول ، وتعمل ِ بلاغ عدم تعرض ضد أكثر واحد بيتحرش بك عشان يكون عبره للعماره كلها ، لغايه بقي اما أخويا يرجع من السفر ويتصرف مع باقي سكان العمارة .
أمل : الله ، بجد فكره جميله جدا ً ، كانت تايهة مني فين ديه ، تسلم دماغك ِ .
مي : تسلم ِ لي يا جميل .
أمل : انا مضطره بقي أسيبك ِ يا جميل ، وأكيد هأعدي عليك تاني ان شاء الله ، وانتي بقي ابقي اتصل ِ واسأل ِ وبطل ِ بخل .
مي : انا بخيله ماشي ماشي .
أمل : أة ، مع السلامه يا بخيله .
مي : مع السلامه .
وبالفعل نفذت ما قالته لي مي بالحرف الواحد ، وتوجهت مباشرة الي قسم الشرطه وقمت بعمل محضر عدم تعرض ضد جاري جلال ، لأنه كان أكثر جيراني تحرش بي . وعند عودتي الي المنزل أجتمعت مع كل ولد من أولادي علي حدا ، وأفهمته أنه أملي الوحيد في الحياة . وأني بحاجه شديده لوقفته بجواري ومساندته لي في هذه المحنه الشديده ، فأستجابوا جميعا ً لكلامي وأقسموا علي أن يكونوا عونا ً لي في هذه المحنه .
وبعد مرور أسبوع تقريبا ً وجدت الحياة تعود مره أخري للأبتسام لي ، فبعد المحضر الذي حررته ضد جلال لم يتعرض لي أحد من العماره مره أخري ، وابتعدوا جميعا ً عني ، فوجدت انه لا حاجه لي بالأستعانه بشقيق صديقتي المقربه مي ، وبالفعل أعلمتها بذلك . كما أن تصرفات أولادي أختلفت تماما ً معي ، فعادوا مرة أخري لمساعدتي في الأمور المنزليه والاستماع لأي أمر أأمرهم به ، كما أنهم عادوا للأهتمام بالدراسه مره أخري .